لأنه ما دام يكون باقيا على الجوهر الأول ، فهو بعد لم يتحرك. والثاني باطل. لأنه إذا وصل بتمامه إلى ملاقاة الجوهر الثاني ، فقد حصلت الحركة ، وانقطعت. ولما بطل القسمان ، ثبت: أنه إنما يكون متحركا فيما بين هاتين الحالتين. وذلك يوجب القول بانقسام الجوهر.
الحجة الخامسة : إن الجسم قد يكون ظله مثليه (١) في وقت من السنة فيكون مثله من الظل : ظل نصفه. إذا ثبت هذا ، فنقول : الجسم الذي تكون أجزاؤه وترا ، يكون ظله شفعا. فيكون لظله نصف. وقد ثبت : أن نصف ظله ظل نفسه ، فيكون لهذا الجسم : نصف. وحينئذ يلزم انقسام الجوهر الفرد.
واعلم : أن للمتكلمين أن يجيبوا عن الحجة الأولى : فيقولوا : إن هذه الحجة لو صحت ، فإنها توجب كون حجر الرحى ، مركبا من أجزاء لا نهاية لها بالفعل. وذلك محال. فثبت : أن هذه الحجة تنتج نتيجة باطلة ، فوجب القطع بأن هذه الحجة باطلة. وإنما قلنا : إنها توجب كون حجر [الرحى (٢)] مركبا من أجزاء لا نهاية لها بالفعل. وذلك لأنا إذا أخرجنا من مركز الرحى إلى محيطه : خطا. افترض في ذلك الخط نقط (٣) غير متناهية ، على مذهب نفاة الجزء. فإذا استدار الرحى ، فإنه يرتسم من كل واحدة من تلك النقط دائرة معينة. وكل دائرة من تلك الدوائر ، كانت أقرب إلى المحيط ، فهي أسرع حركة من التي تكون أبعد منه (٤) وإذا كان الأمر كذلك ، فقد اختص كل واحد من تلك الدوائر الممكنة ، بخصاصية معينة. وهي قبول حركة معينة ، بمقدار معين من السرعة والبطء. فإن تلك الحركة بذلك القدر المعين من السرعة والبطء. لا تقبلها إلا تلك الدائرة. فثبت : أن كل واحدة من تلك النقط قد اختص بخاصية معينة ، ممتنعة الحصول في الآخر. وقد ثبت : أن الاختلاف في
__________________
(١) مثله (م).
(٢) من (م).
(٣) من (م).
(٤) منها (ط ، س).