الصفات والأعراض ، يوجب حصول المغايرة بالفعل ، فوجب أن تحصل المغايرة بالفعل بين جميع تلك النقط. فإذا كانت النقط الممكنة فيها غير متناهية بالفعل ، لزم أن يحصل في تلك الدائرة ، أجزاء لا نهاية لها بالفعل.
وإنما قلنا : إن ذلك محال. لأن ما لا نهاية له لا يمكن الحركة من أوله إلى آخره ، في زمان متناه بالفعل. فوجب أن لا تتم تلك الدورة في زمان متناه. وحيث تمت هذه الدورة ، علمنا : أن ذلك باطل. فثبت مما ذكرنا : أن هذه الحجة لو صحت ، لأفادت نتيجة باطلة ، فوجب القطع بأن هذه الحجة باطلة مغالطية.
وإذا ثبت هذا فنقول : ظهر بما ذكرنا : اشتمال هذا الدليل على مقدمة باطلة. فلما تأملنا لم نجد فيه مقدمة يمكن الطعن فيها [إلا (١)] قولهم : «إن القول بتفكك حجر الرحى باطل» فقلنا : إنه لم يثبت بالبرهان بطلانه ، فوجب التزامه لئلا يلزمنا إنكار الدلائل القطعية ، الدالة على إثبات الجوهر الفرد.
والذي يدل على أن التزام هذا الكلام مع كونه مستبعدا في الخيال : ليس بممتنع قطعا. وجوه :
الأول : إن التقسيم اليقيني [قد دل (٢)] على أن المذاهب الممكنة في الأجسام البسيطة ، ليست إلا أحد هذه الثلاثة. وذلك لأنا نقول : هذا الجسم البسيط. إما أن يكون في نفسه مركبا من الأجزاء ، وإما أن لا يكون كذلك بل كان في نفسه شيئا واحدا ، كما هو عند الحسّ كذلك. فإن كان مركبا. فهو إما أن يكون مركبا من أجزاء غير متناهية ، أو من أجزاء متناهية.
فثبت : أن المذاهب الممكنة في الأجسام البسيطة ليست إلا هذه الثلاثة :
أحدهما : قول من يقول : إنها مركبة من أجزاء متناهية.
وثانيها : قول من يقول : إنها مركبة من أجزاء غير متناهية.
__________________
(١) من (ط ، س).
(٢) من (ط ، س).