وهذا هو بعينه الجواب عن الفرجار الذي يحصل له شعب ثلاثة.
وأما الحجة الرابعة : وهي قولهم : «الجزء إذا انتقل من جزء إلى جزء آخر ، فإنه لا يكون متحركا حال بقائه على الجزء الأول. لأنه ما دام كذلك. فإنه بعد لم توجد الحركة ، ولا يكون متحركا حال [بقائه على الجزء الأول (١)] حصوله على الجزء الثاني. لأنه إذا صار كذلك ، فقد حصلت الحركة وانقطعت وانقرضت. بل إنما يكون متحركا فيما بين الحالتين» فنقول : هذا باطل. وذلك لأنا نعلم : أن الصورة والصفة قد يكون معدوما ، ثم يصير موجودا. فنقول : إنه ما دام يكون معدوما ، فهو بعد لم ينتقل إلى الوجود ، وإذا صار موجودا ، فقد حصل الانتقال وانقرض وانقضى ، فوجب أن يقال : إنما يكون منتقلا من العدم إلى الوجود في الحالة المتوسطة ، بين كونه معدوما وبين كونه موجودا. فيلزم على هذا : إثبات حالة متوسطة بين كونه معدوما وبين كونه موجودا. ومعلوم أن ذلك باطل. ثم إنه لا جواب عن هذا الخيال ، إلا أن يقال : إنه كان في الآن الأول معدوما محضا ، وفي الآن الثاني صار موجودا محضا. ولا واسطة بين كونه معدوما وبين كونه موجودا. وأن هذا الخيال الحاصل من كونه متنقلا من العدم إلى الوجود : عمل الوهم وتصوير الخيال ، وليس له حقيقة أصلا البتة. وإذا ثبت أنه لا بد من المصير إلى هذا الجواب ، في هذا المقام. فهو بعينه جوابنا عما ذكروه من الشبهة. فإنا نقول : الجزء كان مماسا للجزء الأول ، ثم صار مماسا للجزء الثاني. وليس بين هاتين المماستين حالة متوسطة مغايرة لهما في الحقيقة. بل هذه الحالة المتوسطة موجودة في الوهم وفي الخيال. والذي يدل على أن الأمر كذلك : أنه لو حصل بين كون [ذلك (٢)] الجزء مماسا للجزء الأول ، وبين كونه مماسا للجزء الثاني : حالة متوسطة هي الحركة. فنقول : ذلك الجزء عند حصول تلك الحالة المتوسطة. إما أن يكون حاصلا في حيز معين ، أو يكون حاصلا في حيز غير معين ، أولا يكون حاصلا في شيء من الأحياز أصلا. فإن كان الأول ، وهو حال كونه
__________________
(١) سقط (ط ، س).
(٢) من (ط ، س).