فلنبحث عن الدليلين الأولين فنقول :
[أما (١)] الدليل الأول فالسؤال [عليه (٢)] من وجوه :
الأول : إن تطبيق طرف الجملة الزائدة على الجملة الناقصة ، لا يمكن إلا بطريقين : أحدهما : أن يجذب الخط الناقص ، حتى يصل طرفه إلى طرف الخط الزائد.
والثاني : أن يدفع الخط الزائد ، حتى يصل طرفه إلى طرف الخط الناقص. إلا أن الجذب والدفع لا يعقل ، إلا إذا كان الجانب المجذوب عنه ، أو الجانب المدفوع [إليه : متناهيا. لأن على تقدير أن يكون غير متناه (٣)] فليس هناك موضوع فارغ ، حتى يدفع إليه، أو يجذب عنه. فثبت : أن هذا التطبيق لا يمكن إلا بالجذب أو الدفع ، وثبت أنه لا يعقل إلا في الخط المتناهي. فثبت : أن هذا التطبيق لا يمكن فرضه ، إلا إذا كان الخط متناهيا. فلو أثبتنا كون الخط متناهيا ، بواسطة هذا التطبيق ، لزم الدور ، وإنه فاسد.
السؤال الثاني : إن من مذهب الفلاسفة : أن النفوس الناطقة المفارقة عن الأبدان : لا نهاية لها. مع أن دليل الزيادة والنقصان حاصل فيها. فإن جملة النفوس التي كانت موجودة قبل هذا بمائة سنة ، أقل عددا من جملة النفوس التي هي موجودة في هذا الزمان ، بمقدار العدد الذي حدث من النفوس ، في هذه المائة سنة. وحينئذ نقول : عدد الجملة الناقصة إن كان مثل عدد الجملة الزائدة. كان الزائد مساويا للناقص. وهو محال. وإن كان أقل ، لزم أن يكون عدد الجملة الناقصة متناهيا. ولا شك أن الفضلة (٤) متناهية ، فالجملة متناهية. مع أنها عند الحكماء غير متناهية.
السؤال الثالث : الحوادث الماضية من زمان الطوفان ، إلى الأزل (٥) أقل
__________________
(١) من (ط ، س).
(٢) من (ط ، س).
(٣) الجملة مكررة في (م).
(٤) الغفلة (م).
(٥) زمان الآبد (م).