أيضا. لأن الذهن لا يقوى على استحضار ما لا نهاية له على التفصيل. وإذا كان لا وجود لهذه المراتب الغير متناهية البتة في الأعداد ، لا جرم لم يحصل التطبيق فيها في نفس الأمر. فظهر الفرق.
وأما السؤال الثاني : وهو قوله : «إن قول القائل : كل مرتبة من [هذه (١)] المراتب الموجودة في هذه الجملة الزائدة. إما أن يحصل مثلها في الجملة الناقصة ، وإما أن (٢) يتناول المراتب المتناهية» فجوابه : إن ما لا نهاية له إذا كان موجودا ، كان جميع أبعاضه وأقسامه موجودا. وحينئذ نقول : إن مرادنا بقولنا : كل مرتبة : جملة تلك الأقسام والأجزاء.
وللسائل الأول أن يعود فيقول : أما الجواب عن السؤال الأول فضعيف. لأن مراتب الأعداد متباينة بماهيتها ، مختلفة بحقائقها. فإن ماهية العشرة مخالفة لماهية العشرين. وإذا كان الأمر كذلك ، فمراتب تلك الماهيات قائمة بأنفسها ، مستقلة بذواتها. سواء وجد الفرض والاعتبار ، أو لم يوجد. وإذا كان كذلك ، فقد عاد الإشكال كما كان.
وأما الجواب عن السؤال الثاني : فنقول : لا شك أنا إذا ابتدأنا من هذه النقطة المعينة ، وترقينا في مراتب الزيادات فكل مرتبة وصل عقلنا وفهمنا إليها. فهي طرف لهذا المقدار [المبتدأ (٣)] من هذه النقطة ونهاية له. فيكون متناهيا. واللانهاية إنما تقع في الخارج منه. ونظير هذا : بقاء الله تعالى. فيكون ابتدأنا من هذه الساعة ، وترقينا في طرف الزيادات. فإنا لا نصل إلى مرتبة من المراتب ، وإلى درجة م الدرجات ، إلا ويكون ذلك الجموع متناهيا. وإنما الأزلية واللانهاية تقع خارجا عنه. وإذا عقلنا ذلك في أزلية الله ، فلم لا يجوز مثله في قول من يقول : إنه لا نهاية للأبعاد؟
فهذا تمام الكلام في هذا المبحث.
__________________
(١) من (م).
(٢) إنما (م ، ط).
(٣) من (ط ، س).