وإذا كان الأمر كذلك ، فلا بد من الانتهاء إلى واحد ، حاصل في الجملة الزائدة ، لم يوجد في الجملة الناقصة ما يساويه في المرتبة. وذلك يوجب الانتهاء. أما الكثرة التي لا يحصل فيها ترتيب ، لا في الوضع ولا في الطبع. فهذا المعنى غير حاصل فيه. لأنا إذا قلنا : هذه الجملة أنقص من تلك الأخرى ، وكل ما أنقص من غيره ، فهو متناه. فإن عنينا بكونها متناهية : أنه قد حصل في غيرها ، ما لم يحصل فيها. فحينئذ يصير معنى كونها متناهية هو [أنها (١)] أنقص من غيرها. وحينئذ يصير الأكبر عين الأوسط في القياس ، ويصير تقدير الكلام : كأنا قلنا : هذه الجملة فقد فيها ، ما حصل في غيرها. وكل ما كان كذلك ، فهو متناه. وإن عنينا بكونها متناهية : هو أنه فقد فيها ما حصل في غيرها. فيصير كأنا قلنا : وكل جملة فقد فيها ما حصل في غيرها. فقد فيها ما حصل في غيرها (٢). ومعلوم أن هذا الكلام : عبث. وإن عنينا بكونها متناهية ، وجوب انتهاء الناقص إلى مرتبة لا يبقى وراءها غيرها. فهذا إنما يحصل فيما له ترتيب في الوضع أو في الطبع. فما لا يكون كذلك ، لا يحصل فيه هذا المعنى. فثبت : أن هذا البرهان المذكور إنما يتم في العدد الذي له ترتيب في الطبع أو في الوضع. أما الذي لا يكون كذلك ، فإنه لا يجري فيه هذا الكلام.
أما السؤال الثالث : وهو المعارضة بالحركات الماضية. فجوابه : إن المحكوم عليه بالزيادة والنقصان. إما كل واحد من الحوادث الماضية ، وإما مجموعها. والأول يوجب تناهي كل واحد منها. وذلك مسلم. وأما الثاني فباطل. لأن المحكوم عليه بالزيادة والنقصان ، يجب أن يكون موجودا. لأن العدم المحض لا يمكن وصفه بالزيادة والنقصان. ومجموع الحوادث لا وجود له البتة ، لا في الخارج ولا في الذهن. أما [في (٣)] الخارج فظاهر. وأما [في (٤)] الذهن فلاجل أن الذهن لا يقوى على استحضار ما لا نهاية له
__________________
(١) من (ط ، س).
(٢) العبارة ليست مكررة.
(٣) من (م).
(٤) من (ط).