الفصل الثالث
في
شرح مذاهب أهل العالم
في الجزء الذي لا يتجزأ
اعلم : أن الجسم إما أن يكون [بسيطا (١)] وإما أن يكون مركبا. أما المركب فلا شك أنه مركب من أجزاء متناهية موجودة بالفعل. وأما البسيط فلا شك أنه قابل للقسمة الوهمية. فنقول : هذه القسمة الممكنة إما أن تكون موجودة بالفعل ، وإما أن لا تكون. وعلى التقديرين فتلك القسمة إما أن تكون متناهية ، أو غير متناهية.
فخرج بسبب هذين النوعين من التقسيم : أقسام أربعة لا مزيد عليها.
الأول : أن يقال : الأجسام مركبة تركيبا بالفعل من أجزاء متناهية. وهذا مذهب جمهور المتكلمين. وزعموا : أن كل واحد من تلك الأجزاء لا يقبل القسمة لا كسرا ولا قطعا ولا وهما ولا فرضا. والفرق بين هذه الاعتبارات الأربعة : أن نقول : أسهل وجوه القسمة : هو الكسر. مثل : انكسار الخزف والحجر ، ثم يليه في الرتبة : القطع. مثل : القطعة من الذهب والحديد ، فإنها لا تنكسر ، إلا أنه يمكن قطعها بالآلات القطاعة. ثم يليه في المرتبة الثالثة : الوهم ، لأن الشيء قد لا يكون قابلا للقسمة الانفكاكية. مثل : الفلك. فإنه عند الفلاسفة لا يقبل الخرق والتمزق ، إلا أنه قابل للقسمة
__________________
(١) من (م).