الفصل الثالث
في
الاعتراض على الدليل
المذكور في أن العالم واحد
احتج أصحاب «أرسطاطاليس» على صحة هذا القول من وجوه :
الحجة الأولى : قالوا : ثبت أن شكل العالم هو الكرة ، فلو حصل عالمان ، لكانا كرتين ، والكرتان إذا حصلتا ، لزم أن يحصل فيما بينهما خلاء متقدر بمقدار معين. والقول بالخلاء قد ثبت أنه محال. فوجب أن يكون القول بإثبات العالمين محالا.
الحجة الثانية : قالوا : لو فرضنا عالمين ، لحصل في داخل كل واحد منهما أرض وهواء ، وماء ونار. ضرورة أن التركيب والمزاج لا يحصل إلا بهذه العناصر. والجسم الواحد لا يكون له إلا حيز واحد بالطبع. ومتى كان الأمر كذلك ، كان بقاء أحد هذه العناصر في أحد ذينك الحيزين : قسرا دائما. والقسر الدائم محال ، فكان القول بوجود العالمين محالا.
الحجة الثالثة : إنه ثبت أن إله العالم واحد موجب بالذات. وثبت أن الواحد لا يوجد إلا الواحد ، فوجب أن لا يكون الصادر الأول عنه ، إلا عقلا واحدا. وأن يصدر عن ذلك العقل : عقل وفلك. كما شرحنا كيفية ترتيب الوجود على مذهبهم.
فلو فرضنا عالمين متباينين ، لزم أن يحصل هناك عقول غير هذه العقول ،