الفصل الأول
في
دلائل المثبتين للهيولى
احتج القائلون بإثبات الهيولى على صحته من وجوه :
الحجة الأولى : وهي التي عليها يعولون ، وبها يصولون : أن قالوا : ثبت بالدليل أن الجسم البسيط شيء واحد في نفسه ، كما أنه واحد عند الحس. وأن القول بتركيب الجسم من الأجزاء التي لا تتجزأ باطل. سواء كانت تلك الأجزاء متناهية أو غير متناهية. وهذا هو المراد من كون الجسم متصلا.
إذا عرفت هذا ، فنقول : الجسم في نفسه متصل ، ولا شك أنه قابل للانفصال. فنقول : قابل هذا الانفصال. إما أن يكون هو الاتصال ، أو غيره ، والأول باطل. لأن القابل يجب أن يبقى مع القبول. والاتصال لا يبقى [البتة (١)] مع الانفصال. فامتنع أن يكون القابل للانفصال هو الاتصال. فلا بد من الاعتراف بوجود شيء سوى الاتصال ، يكون قابلا لهذا الانفصال الطارئ ، ولذلك الاتصال الزائل ، وحينئذ ثبت : أن الجسم مركب من الاتصال ، ومن شيء آخر يقبل ذلك الاتصال. وهو المطلوب.
الحجة الثانية : ذكر الشيخ في «الشفاء» حجة أخرى. فقال : «الجسم لا شك أنه موجود بالفعل ، ولا شك أنه قابل للصور والأعراض. والشيء
__________________
(١) من (ط).