أطبقوا على صحة هذا الحد. وثبت : أن هذا الحد يوجب كون الجسم مركبا من الهيولى والصورة. وذلك هو المطلوب.
الحجة الرابعة : إنه لو لم يكن الجسم مركبا من الهيولى والصورة. لكانت الأفلاك قابلة للخرق والالتئام والكمون والفساد ، وهذا باطل. أما بطلان التالي ، فمتفق عليه بين الفلاسفة. وإنما الشأن في إثبات الشرطية. فنقول : الدليل عليه : هو أن الأجسام متساوية في الجسمية. فامتناع جسمية الفلك عن قبول الخرق. إما أن يكون للجسمية ، أو لما يحصل فيها ، أو لما يكون محلا لها ، أو لما لا يكون حالا فيها ولا محلا لها. والأقسام باطلة سوى القسم الثالث. وهو أن يكون ذلك الامتناع ، لأجل ما تكون الجسمية حالة فيه. وإذا ثبت هذا ، وجب كون الجسم مركبا من الهيولى والصورة.
وإنما قلنا : إنه يمتنع أن يكون ذلك الامتناع لأجل الجسمية : لأنه لو كان الأمر كذلك ، لوجب حصول هذا الحكم في جميع الأجسام. وهو باطل. وإنما قلنا : إن ذلك الامتناع ليس لأجل شيء حال في الجسمية ، وذلك لأن ذلك الحال. إن لم يكن من لوازم الجسمية ، امتنع كونه سببا لهذا الحكم ، الذي هو من لوازمه. وإن لم يكن من لوازمه ، عاد الطلب في أنه : لم اختص ذلك الجسم بعينه به؟ فإن كان ذلك لصفة أخرى ، لزم التسلسل.
وإنما قلنا : إن ذلك الامتناع حصل لأجل شيء غير الجسمية ، وغير ما دون حالا فيها ، وغير ما يكون محلا لها. وذلك لأن نسبة ذلك المباين إلى جميع الأجسام على السوية. فامتنع أن يكون سببا لاختصاص الجسم المعين بوجوب هذه الصفة. ولما بطلت الثلاثة ، ولم يبق إلا أن يكون ذلك الجسم لأجل ما كان محلا لتلك الجسمية المعينة ، وجب القطع بصحته. وتقريره : إن لذلك الفعل مادة معينة ، وتلك المادة لا تقبل إلا تلك الصورة المعينة ، وإلا ذلك الشكل المعين ، فلأجل هذا السبب [كان (١)] اختصاص تلك الجسمية بذلك الشكل وبذلك الوضع : واجبا. وهو المطلوب.
__________________
(١) زيادة.