الفصل الثاني
في
الاعتراض على
حجج المثبتين للهيولى
نقول : أما الحجة الأولى : فالاعتراض عليها من وجوه :
السؤال الأول : أن نقول : دليلكم بناء على نفي الجوهر الفرد. وقد سبق الاستقصاء في هذه المسألة نفيا وإثباتا.
السؤال الثاني : سلمنا : أن الجسم في نفسه شيء واحد متصل. إلا أنا نقول : إنا لا نفهم من كونه متصلا ، إلا أنه في نفسه شيء واحد. ولا نفهم من ورود الانفصال عليه إلا أنه صار اثنين. وعلى هذا التقدير. فالزائل هو الواحدة ، والطارئ هو التعدد والاثنينية. لكن الفلاسفة اتفقوا على أن الوحدة والعدد قائمة بالأجسام.
فهذا الدليل الذي ذكرتم يقتضي كون الوحدة والعدد عرضين قائمين بالجسم ، ولا يقتضي وقوع التركيب في ماهية الجسم وفي ذاته وفي مقوماته. والذي يؤكد هذا السؤال : هو أن الجسم عند ورود الانفصال عليه لم يبطل اتصاله. لأن كل واحد من الجزءين ، يبقى متصلا ، كما كان. إنما الزائد هو الوحدة فقط. وذلك يؤكد ما قلناه. واعلم : أن هذا السؤال كلام معقول حق.
ولما أوردنا هذا السؤال على القوم ، لم نجد عندهم جوابا شافيا في هذا الباب. ثم إنا لما وجدنا أن الذي يمكن أن يندفع به هذا السؤال وجوه ثلاثة :