والسؤال عليه : إنه بناء على أن الواحد لا يصدر عنه إلا الواحد. وقد سبق بيان ضعفه.
ثم نقول : هذا الإشكال وارد أيضا عليكم في مسائل :
إحداها : أن الهيولى إما أن تكون شيئا موجودا ، وإما أن لا تكون. فإن لم يكن لها في نفسها وجود ، امتنع كونها جزءا من ماهية الجسم الموجود. لأن المعدوم لا يكون جزءا من الموجود. وإن كان لها في نفسها وجود ، فحينئذ يصدق عليها أنها موجودة بالفعل ، ويصدق عليها أنها قابلة للصور والأعراض ، وحينئذ يرجع الكلام الذي ذكرتموه. فيلزم : افتقار الهيولى إلى هيولى آخر ، لا إلى غير النهاية. وهو باطل.
وثانيها : إن النفس الناطقة من الهيولى والصورة وهو باطل.
وثالثها : إن ذات الباري تعالى مؤثرة في وجود الممكنات. وهو تعالى عالم بالكليات. والعلم عندكم عبارة عن حصول الصورة المطابقة للمعلومات في ذات العالم. فيلزم كون ذات الله تعالى مؤثرة وقابلة لتلك الصور معا. فيلزم كونه مركبا من الهيولى والصورة. وهو باطل.
ورابعها : إن القابل للحركة والسكون ، واللون والشكل ، هو الجسم لا الهيولى فقط. فنقول : الصورة الجسمية توجب تقديم الهيولى بالفعل ، وتوجب قبول هذه الأعراض. فلزم أن تكون الصورة في ذاتها مركبة من الهيولى والصورة. وأنه باطل.
فثبت بهذه الوجوه : أن هذا الكلام باطل.
وأما الحجة الثالثة : إن لفظ الطويل. وإن كان يوهم أن الطول صفة قائمة بالمحل ، إلا أن الذين يثبتون الجوهر الفرد ، يقولون : «لا معنى للطويل إلا مجموع جوهرين ، تركبا في سمت واحد» فاللفظ وإن أشعر بكون الطول صفة ، إلا أن بعد [هذا (١)] التفسير ، يزول هذا الاشتباه.
__________________
(١) من (م).