وهؤلاء اختلفوا في أشكال تلك الأجزاء فالأكثرون قالوا : إنها كرات. وذلك لأن كل واحد منها ، يجب أن يكون بسيطا. إذ لو كان مركبا ، لقبل الانحلال. وقد فرضنا أنه غير قابل للانحلال. هذا خلف. وإن كان بسيطا ، وجب أن يكون شكله : الكرة. لما ثبت أن شكل البسيط ، يجب أن يكون هو الكرة. ثم إنهم لما عرفوا أن الكرات (١) المتماسة ، لا بد وأن تبقى فيما بينها فرج خالية ، لا جرم التزموا القول بالخلاء. وقال الباقون : [إنه (٢)] لا يجب فيها أن تكون كرات. لأن القول بالخلاء ممتنع. ثم إنهم اختلفوا. فمنهم من قال : إنه يجب أن تكون أشكالها المكعبات. لأن الشكل الذي يملأ الفرج ، ولا يبقى معه شيء من الخلاء في الأجسام : ليس إلا المكعبات. ومنهم من قال : إنها مثلثات. لأن هذا الشكل أول المضلعات. [ومنهم من قال : إنها مربعات (٣)].
ومنهم من قال : إنها على خمسة أنواع من الأشكال.
فالأول : ما يحيط به أربع مثلثات متساوية الأضلاع. وهذا الشكل هو الشكل الناري. وهذه الأجزاء إذا تألفت واجتمعت حصل منها النار. والسبب فيه : أن خاصية النار التفريق وذلك إنما يحصل إذا كان جوهر النار قويا على النفوذ في بواطن المتصلات. والجسم متى كان موصوفا بالشكل المذكور ، كان قويا على النفوذ في المتصلات ، وعلى الغوص فيه! بسبب زواياه الحادة النافذة.
والنوع الثاني من الأشكال : المكعب وهو الذي يحيط به ست مربعات متساوية الأضلاع. وهذه الأجزاء هي التي إذا تألفت حصل من تألفها الأرض. وإنما قلنا ذلك ، لأن الجسم الموصوف بالشكل المكعب ، يعسر (٤)
__________________
(١) الكرامات التماسة (م).
(٢) من (م).
(٣) من (م).
(٤) نفس (م).