يكون هو أيضا عند حضوره حاضرا وحاصلا. فهذا أيضا غير منقسم. وكذا القول في الثالث والرابع إلى آخر الحركة. فهذا برهان قاطع قاهر (١) في أن الحركة عبارة عن حصولات متلاصقة متعاقبة ، بحيث يكون كل واحد منها غير قابل للقسمة أصلا. وذلك هو المطلوب.
واعلم : أنا كنا قد كتبنا رسالة مفردة في مسألة الجوهر الفرد ، وأوردنا على هذا الدليل: أسئلة جارية مجرى سؤالات السوفسطائية ، في التشكيك في البديهيات. فمن أراد تلك الأسئلة فعليه بذلك الكتاب.
إلا أنا نورد هاهنا من تلك السؤالات ، ما يختص بهذا الدليل. فنقول :
[السؤال الأول (٢)] : لا نسلم أنه لا بد وأن يحصل في الحال شيء من أجزاء الحركة. قوله : «لو لم يحصل منها شيء في الحال ، لامتنع أن يصير ماضيا ومستقبلا» قلنا : لا نسلم. فإن الآن يصير ماضيا ومستقبلا ، مع أنه لا يصدق على الآن : أنه حاضر في الآن. وإلا لزم التسلسل.
السؤال الثاني : سلمنا : أنه لا بد وأن يحصل في الآن الحاضر ، شيء من الحركة. إلا أن الحاصل في الآن ، هو طرف الحركة ، لا نفس الحركة. وطرف الحركة عندنا شيء غير منقسم. لا يقال : فعند فناء ذلك الشيء الذي سميتموه بطرف الحركة ، لا بدّ وأن يحدث شيء آخر غير منقسم. وحينئذ يحصل المطلوب. لأنا نقول : لم لا يجوز أن يحصل بينهما شيء منقسم؟ وعلى هذا التقدير فإنه لا يلزم تعاقب الأشياء التي لا تتجزأ.
السؤال الثالث : سلمنا : أنه يحصل في الحال شيء من الحركة. فلم لا يجوز أن يكون ذلك الشيء منقسما؟ قوله : «لو كان منقسما ، لكان النصف الأول منه سابقا على النصف الثاني منه ، وحينئذ لا يكون ذلك المجموع موجودا» قلنا : لا نسلم. ولم لا يجوز أن يحصل جزؤه دفعة [واحدة (٣)].
__________________
(١) ظاهر (ط).
(٢) زيادة.
(٣) من (م).