السؤال الرابع : إن دل ما ذكرتم على أن الحركة عبارة عن حصولات متعاقبة ، في أحياز متلاصقة. فههنا دليل آخر يبطله. وذلك لأن الجوهر إذا انتقل من حيز إلى حيز آخر، فهو ما دام يكون باقيا في الحيز الأول ، فهو بعد لم يتحرك. وإذا أوصل إلى الحيز الثاني، فقد تمت الحركة وانقرضت. فلم يبق إلا أن يقال : إنه إنما يكون متحركا فيما بين الحالتين ، وذلك يدل على أن الحركة ليست عبارة عن الحصول في الحيز ، بل الحركة عبارة عن حالة متقدمة على الحصول في الحيز [والله أعلم (١)].
والجواب عن السؤال الأول : أن نقول : [إن (٢)] التفرقة بين الماضي ، وبين المستقبل وبين الحال : معلوم بالضرورة. فنحن نعني بالحاضر : الموجود الذي لا يكون ماضيا ولا مستقبلا. ولا شك أن الآن الحاضر كذلك ، فيكون الآن (٣) حاضرا ولا نعني بالحاضر أن يكون مظروفا في شيء ، وأن يكون حاصلا في شيء آخر ، حتى يلزمنا التسلسل.
وعن السؤال الثاني : أن نقول : ذلك الجزء الحاضر ، الحاصل من الحركة. إن بقي فقد صار الجسم ساكنا ، وانقطعت الحركة. وإن لم يبق البتة ، إلا في ذلك الآن الحاضر ، فلا بد وأن يحصل عقيبه شيء آخر ، هو عند حصوله يكون أيضا حاضرا حاصلا. وحينئذ يظهر أنه لا متوسط بينهما.
وعن [السؤال (٤)] الثالث : وهو قوله : «لم لا يجوز أن يكون الحاصل في الحال من الحركة [منقسما ، ويحصل] جزؤه دفعة (٥)؟» أن نقول : إنه لا يتعلق غرضنا بنفي (٦) هذا النوع من قبول القسمة. بل نقول : إما أن يمكن أن
__________________
(١) من (م).
(٢) من (ط).
(٣) الآن الحاضر أو لا معنى بالحاضر (م).
(٤) من (م).
(٥) من (ط).
(٦) يبقى هذا النوع (م).