بيان الشرطية : هو أن القدر الذي يفعله الفاعل من الحركة. إما أن يكون منقسما ، وإما أن لا يكون منقسما. فإن انقسم إلى نصفين ، بحيث يكون أحدهما حاصلا قبل حصول النصف الثاني ، فحينئذ لا يكون ذلك الفاعل فاعلا لكل واحد من ذينك النصفين دفعة ، بل يكون فاعلا للنصف الأول أولا. ثم يصير فاعلا للنصف الثاني منه. وعند هذا نقول : إذا كان الذي فعله الفاعل (١) منقسما ، وكل منقسم فإنه يمتنع أن يكون الفاعل فاعلا له دفعة. فحينئذ يلزم أن الذي فعله الفاعل ، فإنه ما فعله. وذلك يوجب التناقض. وهو محال.
وأيضا : فإنا (٢) نعيد التقسيم في نصف ذلك المقدار. فإن كان منقسما. فالفاعل ما فعله أيضا ، وإنما فعل نصفه. فالحاصل : أن كل ما كان منقسما. امتنع إيجاده وتكوينه في الحال. فالذي أوجده في الحال ، وجب أن لا يكون منقسما. وكذا القول في جميع الأجزاء المفترضة في الحركة. فثبت : أنه لو كانت الحركة منقسمة أبدا ، لامتنع على القادر إيجادها وتكوينها. وأما أن ذلك غير ممتنع ، فظاهر. وإلا لزم أن يقال : إن هذه الحركات (٣) بأسرها ، حصلت لا لموجد ولا لمؤثر أصلا. ومعلوم أنه باطل. فثبت : أن الحركة غير منقسمة أبدا. بل هي عبارة عن أجزاء متعاقبة متلاصقة ، كل واحد منها لا يقبل القسمة أصلا. ومتى كان الأمر كذلك ، فالقادر يوجد الجزء [بعد الجزء (٤)] والقسم بعد القسم وحينئذ يكون قادرا على تكوين الحركة وعلى إيجادها. [والله أعلم (٥)].
الحجة الخامسة في إثبات هذا المطلوب : أن نقول : الحس والمشاهدة يدل على إن بعض الأحوال والصفات ، قد يحصل بعد العدم. فنقول : مذهب
__________________
(١) جعله (م).
(٢) يفيد (م).
(٣) الحركة (ط).
(٤) من (ط).
(٥) من (م).