زمان السكون ، لزمكم انقطاع حركات الأفلاك. وذلك عندكم باطل. وإن لم يحصل هناك سكون متخلل بين الآنين ، فحينئذ يلزم تتالي الآنات. وهو المطلوب.
إذا عرفت هذا ، فنقول : إنا أردنا إيراد هذا الكلام في صورة البرهان قلنا : لا شك أن حصول الملاقاة. بين كرة «زحل» وبين الكرة المكوكبة ، تقع دفعة في آن. وصيرورة تلك النقطة لا ملاقية ولا مماسة ، تقع أيضا في آن. فإن حصل بين الآن زمان ، يكون «زحل» فيه ساكنا ، لزم انقطاع حركات الكواكب. وهو باطل. وإن لم يحصل هناك هذا الزمان المتخلل ، فحينئذ يلزم تتالي الآنات. وهو المطلوب.
الحجة الخامسة في إثبات تتالي الآنات : أن نقول : لا شك أن مركز كرة التدوير نقطة. فإذا تحرك الفلك الحامل ، فإنه يرتسم من حركة مركز التدوير دائرة ، تسمى في علم الهيئة ب «الدائرة الحاملة لمركز التدوير» وتلك الدائرة بجميع أجزائها ، صارت ممسوسة لتلك النقطة. لكن النقطة لا يماسها إلا نقطة. فلما كانت هذه النقطة التي هي المركز ، قد مست جميع أجزاء تلك الدائرة ، وثبت أن المماسة ما حصلت إلا على النقطة ، وجب القطع بأن تلك الدائرة مرتسمة من النقط المتوالية ، وذلك يقتضي كون الخط مركبا من النقط المتلاقية ، وذلك يوجب القول بالجوهر الفرد. وأيضا : فتلك المماسة المتعاقبة إنما تحصل في آنات متلاصقة. وهذا يوجب القول بتتالي الآنات. وهو الذي أردناه في هذا المقام. والله أعلم.
النوع الثالث من مطالب هذا الفصل : في بيان أنه لما كانت الحركة مركبة من أجزاء متعاقبة ، كل واحد منها لا يقبل القسمة ، وكان الزمان من آنات متتالية ، كل واحد منها لا يقبل القسمة ، وجب أن يكون الجسم مركبا من أجزاء لا يتجزأ كل واحد منها ، ولا يقبل القسمة.
واعلم : أن هذا الفصل كالمتفق عليه بيننا وبين الفلاسفة. فإن الكل اتفقوا على أن الحركة والزمان والمسافة : أمور ثلاثة متطابقة. فإن ثبت كون