أو لم تحصل؟ فإن كان الأول ، كان موضع التقاطع بين الدائرتين شيئا منقسما. وهذا باطل محال. وإن كان الثاني ، لزم حصول الطفرة. ولما بطل القسمان ، ثبت أنه حصل التقاطع بينهما على نقطة ، ثم على نقطة ثانية. وحينئذ يلزم تشافع النقط. والثاني : إنه لما حصل التقاطع على نقطة ، ففي أول زمان حصول اللاتقاطع على النقطة ، قد حصل التقاطع على نقطة أخرى. وحينئذ يلزم تشافع النقط. وهو المطلوب.
الوجه الثاني في تقرير هذا البرهان : إنا بينا : أنه إذا تحرك الفلك الحامل لمركز التدوير ، فإنه يرتسم من مركز التدوير دائرة [وتلك الدائرة (١)] إنما تولدت من مماسة تلك النقطة ، التي هي مركز التدوير. والذي تماسه النقطة : نقطة. فتلك الدائرة إنما تولدت من النقطة المتشافعة.
الوجه الثالث في تقرير هذا البرهان : إنا بينا : أن الجسم المكعب ، قد حصلت النقطة فيه بالفعل ، فإذا انجر ذلك المكعب على المسافة ، فقد انجرت تلك النقطة على تلك المسافة ، ويحصل من انجرارها : خط. وذلك الخط إنما ارتسم من مماسة تلك النقطة ، جزءا فجزءا. والنقطة لا تماس إلا نقطة. فوجب تشافع النقط.
وهذه الوجوه بأسرها ظاهرة جليه ، وغنية عن إثبات الكرة والدائرة.
ويجب أن يعلم : أن البرهان كلما كانت مقدماته أقل ، وقوتها أظهر عند العقل ، كان ذلك البرهان أقوى ، وبالقبول أولى. وبالله التوفيق.
البرهان الثالث في إثبات الجوهر الفرد : أن نقول : النقطة شيء ، ذو وضع لا ينقسم. ومتى كان الأمر كذلك ، فالقول بإثبات الجوهر الفرد : لازم. أما بيان الأول : فهو أمر متفق عليه بين جمهور الفلاسفة ، إلا أنا سنقيم البرهان على صحته ، ليصير الكلام برهانيا ، ويخرج عن كونه جدليا إلزاميا.
__________________
(١) من (ط).