الفصل السابع
في
اقامة الدلالة على أن الجسم المتناهي
في المقدار يمتنع أن يكون مؤلفا
من أجزاء لا نهاية لها بالفعل
اعلم : أن الذي يدل على أن الأمر كما ذكرناه ، وجوه :
الحجة الأولى : إنه من المحال أن ينتهي المتحرك من أول المسافة إلى آخرها ، إلا إذا وصل إلى نصفها. ومن المحال أن يصل إلى نصفها ، إلا إذا وصل إلى نصف نصفها. فلو كانت المسافة مركبة من أجزاء غير متناهية ، لوجب أن يمتنع الوصول من أولها إلى آخرها ، إلا في زمان غير متناه. وحيث لم يكن الأمر كذلك ، علمنا : أن المسافة مركبة من أجزاء متناهية.
واعلم : أن «أبا الهذيل العلاف» لما احتج بهذا الدليل على «النظام» أجاب النظام عنه : بأن المحال إنما يلزم لو كان المتحرك : تحرك على جميع أجزاء المسافة. وليس الأمر كذلك ، بل إنه تحرك على بعضها ، وطفر على الباقي. والمراد من الطفر : انتقال المتحرك إلى الجزء البعيد عنه ، من غير أن يمر بما بينها. قال : «والقول بالطفر ، وإن كان بعيدا جدا ، إلا أن القول بإثبات الجوهر الفرد ، يلزم عليه تفكك حجر الرحى. فإذا جاز لكم التزام ذلك المستبعد ، فلم لا يجوز أيضا التزام مثل هذا المستبعد؟».
السؤال الثاني : لم لا يجوز أن يقال : هذا الجسم المتناهي في المقدار ، مركب من أجزاء لا نهاية لها. والزمان المتناهي في المقدار ، مركب أيضا من آنات متتالية لا نهاية لها. فلا جرم تحرك المتحرك على الأجزاء التي لا نهاية لها ،