[عدد (١)] أجزاء الخردلة. فنقول : كل عدد يكون أقل من غيره ، كان متناهيا. فعدد أجزاء الخردلة متناه ، وعدد أجزاء الجبل ضعف عدد أجزاء الخردلة بمراتب متناهية. وضعف المتناهي مرات متناهية يكون متناهيا. فعدد أجزاء الجبل : متناه. وهو المطلوب.
الحجة الرابعة : كل كثرة (٢) سواء كانت متناهية ، أو غير متناهية ـ فإن الواحد فيها موجود. لأن الكثرة عبارة عن مجموع الوحدات ، ويمتنع حصول مجموع الوحدات ، إلا عند حصول كل واحدة من تلك الوحدات. وإذا ثبت هذا ، فنقول : الجزء الواحد من تلك الأجزاء ، إذا انضم إلى جزء آخر ، فإن لم يكن مقدار الجزءين ، أزيد من مقدار الجزء الواحد ، لم يكن التأليف سببا لحصول المقدار. فوجب أن لا تكون المقادير والأعظام متألفة من هذه الأجزاء. وإن كان مقدار الجزءين أزيد من مقدار الجزء الواحد ، فحينئذ يكون تألف تلك الأجزاء سببا لازدياد الحجم والقدر. وكلما كانت تلك الأجزاء أكثر ، وجب أن يكون الحجم والمقدار أعظم. وإذا كان كذلك ، وجب أن تكون نسبة أحد المقدارين إلى الثاني ، كنسبة العدد الحاصل في أحد المقدارين إلى العدد الحاصل في المقدار الثاني. ولما كانت نسبة أحد المقدارين إلى الآخر : نسبة متناهي القدر ، إلى متناهي القدر وجب أن تكون نسبة أحد العددين إلى الثاني : نسبة متناهي العدد [إلى متناهي العدد (٣)] وذلك يوجب كون عدد الأجزاء الحاصلة في هذه الأجسام متناهيا. وهو المطلوب.
الحجة الخامسة : لو حصل في الجسم أجزاء غير متناهية ، لكان إذا شرع البطيء في الحركة ، ثم شرع السريع بعده ، أن لا يصل السريع إلى البطيء البتة. لأن السريع إذا ابتدأ بالحركة بعد البطيء ، وإلى أن يصل السريع إلى موضع البطيء : يكون البطيء قد تحرك عن ذلك الموضع ثم إذا وصل السريع ، إلى الموضع الثاني : يكون البطيء قد انتقل عنه إلى موضع ثالث.
__________________
(١) من (ط).
(٢) كثرة فإنها سواء (م).
(٣) من (ط).