الفصل الثامن
في
ذكر بقية الدلائل
الدالة في اثبات الجوهر الفرد
الحجة الأولى : إن الجسم لو كان قابلا لانقسامات لا نهاية لها ، لجاز أن ينفصل من الخردلة الواحدة ، صفائح يغشّى بها أطباق العرش والكرسي والسموات والأرضين ، لا مرة واحدة ، بل ألف مرة. ومعلوم أن ذلك في غاية البعد.
قال الشيخ الرئيس : «هذا أيضا لازم على القائلين بإثبات الجوهر الفرد. لأن مع القول بكون الجسم مركبا من الأجزاء التي لا تتجزأ ، لا يبعد أن يحصل في الخردلة صفائح يغشى بها وجه السموات والأرضين. وإذا كان هذا المحذور لازما على الكل ، فقد زال الاستبعاد». والجواب عنه : إن مع القول بإثبات الجوهر الفرد ، نعلم بالضرورة : أن ذلك محال. سلمنا : أنه يبقى احتماله ، إلا أنه احتمال ، لا يعرف ، أنه هل هو ممكن ، أو ممتنع في نفسه؟ وإن كنا لا نعرف امتناعه ـ أما على القول بنفي الجوهر الفرد ، فإنا نقطع بأن هذا الذي ألزمناه ، يكون ممكن الوقوع. لا مرة واحدة ، بل مرارا لا نهاية لها. لأنه لا صفحة توجد من تلك الخردلة ، إلا وهي قابلة لانقسامات غير متناهية. وكل واحد منها ، فإنه يقبل الانقسامات التي لا نهاية لها مرة واحدة. فثبت : أن هذا المحال ، إنما يلزم على قول من يقول: إن الجسم يقبل انقسامات لا نهاية لها.