الأجزاء المأخوذة على تلك النسبة إلى غير النهاية ، إذا جمعت فليس تبلغ جملتها إلى الجزء ، الذي كان أعظم من الجزء الأول : مثاله : إن العشر ، وعشر العشر ، وعشر عشر العشر. وهكذا إلى أبعد الغايات ، وأبلغ النهايات. فإنه ليس يبلغ مجموعها إلى التسع. وكذلك : التسع ، وتسع التسع ، إلى أبلغ الغايات. لا يبلغ مجموعها إلى الثمن. وهكذا جميع الأجزاء. وأنت تعلم أن قسمة الواحد إلى الكسور ، لا يحتمله إلا الواحد المقداري. والخط القاسم له إلى تلك الأجزاء ، لا يزال يقرب من طرفه ، مع أنه لا يصل البتة إليه.
فثبت بهذه الوجوه الأحد عشر : أن القائلين بقبول المقدار للقسمة إلى غير النهاية ، يلزمهم القول بوجود خطين يتقاربان أبدا ولا يلتقيان. وإذا كان الأمر كذلك ، فحينئذ لا تصح المصادرة التي ذكرها «أقليدس» لاحتمال أن يقال : هذان الخطان لا يتقاربان ، على ذلك الوجه الذي لا يلزم من تقاربهما تلاقيهما. وإذا كان هذا ممكنا ، لم يصح كلام «أقليدس».
واعلم : أن للشيخ مختصرا في علم الهندسة ، جمعها الكتاب «النجاة» وذكر في إثبات هذه القضية : «أن أحد الخطين لا بد وأن يميل إلى الآخر ، وإذا مال إليه لقيه لا محالة» وهذا الكلام ضعيف. لأن قوله : «مال إليه» معناه : أنه يقرب منه. ونحن قد بيناه بهذه الدلائل : أنه لا يلزم من تزايد القرب ، حصول الوصول. وأما «الشيخ أبو علي بن الهيثم» فقد حاول في كتاب «شرح المصادرات» إقامة البرهان على صحة هذه القضية ، وطول فيه. وذكر في أثناء ذلك الدليل : مقدمة. وصححها بالكرة (١) المتحركة. وهي مقدمة ضعيفة جدا. فثبت : أن على (٢) القول بكون المقدار ، قابلا للقسمة إلى غير النهاية ، توجب أن لا تصح هذه القضية [أما إذا قلنا : إن قبول القسمة متناه. فحينئذ تصح هذه القضية (٣)] وليكن هاهنا آخر كلامنا ، في تقرير دلائل القائلين بإثبات (٤) الجوهر الفرد. وبالله التوفيق.
__________________
(١) بالهندسة (ط).
(٢) هذا (م).
(٣) من (ط).
(٤) بإثبات دلائل الجوهر (م).