الفصل الاول
في
حد الجسم
وقالت المعتزلة : الجسم هو الطويل العريض العميق.
وقالت الفلاسفة : [إنه الجوهر (١)] الذي يمكن فرض الأبعاد الثلاثة المتقاطعة ، على الزوايا القوائم فيه.
واعلم : أن البحث في هذين التعريفين (٢) مفرع على أن الجسم هل هو مركب من الأجزاء التي لا تتجزى؟ فأما الذين قالوا : إنه مركب من الأجزاء التي لا تتجزأ قالوا : إنه الطويل العريض العميق. لأنه لما حصل في ذلك الجسم جوهران مؤلفان ، فقد حصل فيه الطول. وإذا حصل فيه جوهران آخران مؤلفان ، انضما إلى الأولين ، فقد حصل فيه العرض. ولما حصل فيه سطح آخر مؤلف من أربعة أجزاء على الوصف المذكور ، وانضم إلى السطح الأول ، فقد حصل فيه الطول والعرض والعمق. فثبت : أن كل جسم فإنه طويل عريض عميق. وأما الذين قالوا : الجسم غير مركب من الأجزاء التي لا تتجزى. فقالوا : هذا الكلام باطل. لأن الجسم البسيط ، في نفسه شيء واحد ، وليس البتة مركبا من شيء من الأجزاء. وإذا كان كذلك ، لم يكن الطول والعرض والعمق حاصلا فيه بالفعل ، بل يمكن حصول أسباب ، عند
__________________
(١) من (ط).
(٢) التفريعين (م).