ذلك الجبل ، وإن كان يوجب نزوله ، إلا أنه لما وجب بقاء تلك المدرة في الهواء ، وكان بقاؤها في الهواء مانعا من نزول ذلك الجبل العظيم ، لا جرم قلنا : بأنه يجب بقاء ذلك الجبل في الهواء وسكونه فيه.
إذا ثبت هذا ، فنقول : فهذا الكلام يدل على أن مع حصول الموجب القوي ، قد لا يحصل الأثر ، لأجل فوات شرط من الخارج ، أو لقيام مانع من الخارج ، وإذا ثبت هذا ، فنقول : لم لا يجوز في مسألتنا أن يقال : كل واحد من هذين الجزءين ، وإن كان قابلا للحركة ، وكان العائق عن الحركة زائلا إلا أنه امتنعت تلك الحركة ، لفوات شرط من شرائط إمكانها. فهذا سؤال قوي.
واعلم : أن الفلاسفة ما داروا على هذا السؤال ، ولم يشتغلوا بالجواب الصحيح عنه.
وأنا أذكر لأجلهم وجوها تدل على دفع هذا السؤال :
الوجه الأول : [نقول (١)] إنه قد دل البرهان على أن أي خط مستقيم : فرض. فإنه يمكن أن يعمل عليه مثلث متساوي الأضلاع. إذا ثبت هذا ، فنقول : إذا فرضنا خطا مركبا من جوهرين ، وجب جواز أن يعمل عليه [مثلث (٢)] متساوي الأضلاع. وهذا إنما يحصل إذا وضعنا جوهرا ثالثا على متصل الجوهرين الأولين. وذلك يدل على أن وقوع الجوهر على متصل الجوهرين ، يجب أن يكون ممكنا. وحينئذ يزول قولهم : إنه يمتنع حركة الجزءين ، لأجل امتناع وقوع الجوهر على متصل الجوهرين. واعلم : أنا إذا تأملنا ، علمنا : أنه لا يمكن عمل المثلث المتساوي الأضلاع ، إلا بوقوع (٣) الجوهر على متصل الجوهرين. [وبيانه : أن المثلث الأول إنما يحصل بوضع الجوهر الواحد على متصل الجوهرين (٤)] والمثلث الثاني إنما يحصل إذا
__________________
(١) من (م).
(٢) من (ط ، س).
(٣) وقوع (م ، ط).
(٤) العبارة مكررة في (م).