موضوعة ، بعضها على بعض. فالسطح الأعلى منها ، يكون بوجهه العالي مباينا عن سائر الأجسام ، وبوجهه الأسفل يكون متصلا بالسطوح الداخلة في ذلك الجسم. والوجه الذي به حصلت المباينة ، غير الوجه الذي [به (١)] حصلت المماسة. وذلك يوجب حصول القسمة.
ويمكن ذكره على طريق ثالث : فيقال : إن بتقدير كون الجسم مركبا من الأجزاء التي لا تتجزأ ، يكون الجسم مركبا من سطوح موضوعة بعضها على البعض. فإذا أشرقت الشمس على الجسم ، فقد استنار وجهه. وذلك الوجه عبارة عن أحد وجهي السطح الأعلى منه. وأما الوجه الثاني من ذلك السطح ، فإنه متصل بالسطح الأسفل منه ، وواقع في عمق ذلك الجسم. فيثبت : أن هذا البرهان لا حاجة في تقريره إلى وجود سطح مؤلف من الأجزاء التي لا تتجزأ ، بل هذا البرهان حاصل في جميع هذه الأجسام المحسوسة.
فهذا هو الكلام في تقرير هذه البراهين الأربعة على أقصى الوجوه.
واعلم : أن أحدا من المتكلمين ما أورد على شيء من هذه البراهين : كاملا ، يصلح لأن يلتفت إليه العاقل. إلا أنا نقول : للبحث فيه مجال. وتقريره : أنا نبين أن هذه الحجة : تنتج نتيجة باطلة بالاتفاق [وإذا ثبت هذا ، ظهر لنا : أنها حجة مغالطية ، وليست حجة حقيقية. أما بيان أنها تنتج نتيجة باطلة بالاتفاق (٢)] فهو أنا نقول : إن هذه الحجة لو صحت ، لأنتجت كون الجسم مركبا من أجزاء لا نهاية لها بالفعل. ومعلوم : أن هذه النتيجة باطلة. أما بيان الأول. فلأن الجسم إذا لقي بأحد طرفيه شيئا ، وبالطرف الثاني منه شيئا آخر ، فهاتان الملاقاتان متغايرتان بالفعل ، فوجب أن يكون محلاهما متغايرين بالفعل. ثم نقول : هذان المحلان إن كانا عرضين عاد التقسيم فيه ، ولا يتسلسل بل ينتهي آخر الأمر إلى وقوع الكثرة في ذات الجسم ، فحينئذ ينتصف ذلك الجسم بالفعل. ثم إن كان واحد من ذينك النصفين يلقى النصف
__________________
(١) من (ط ، س).
(٢) من (ط ، س).