الفصل الثاني
في
الدلائل المذكورة
في نفي الجزء الذي لا يتجزأ
المبنية على بطء الحركات وسرعتها
اعلم : أن القائلين بالجزء الذي لا يتجزأ اتفقوا : على أنه لا معنى لكون الحركة بطيئة. إلا أن الجسم يتحرك في بعض الأحياز ، ويسكن في بعضها ، فتختلط الحركات بالسكنات. فالحس يدرك [أن (١)] ذلك المختلط حركة موصوفة بالبطء. كما أنا إذا سحقنا الإسفيداج، وسحقنا المداد. وخلطنا بعض تلك الأجزاء بالبعض يابسا. فإن القوة الباصرة تدرك ذلك الجسم المخلوط ، بلون متوسط بين السواد والبياض. لا لأجل أنه حصل هناك لون متوسط. لأنا فرضنا كون تلك الأجزاء يابسة. وإذا كانت يابسة فقد بقي الجزء الأسود على سواده ، والجزء الأبيض على بياضه. إلا أن تلك الأجزاء لما كانت في غاية الصغر ، عجز الحس عن الوقوف على كل واحد منها بصفته المخصوصة. وإنما حصل له الشعور بذلك المجموع. فلا جرم أدرك ذلك المجموع على لون متوسط بين السواد والبياض. فكذا هاهنا لما تحرك الجسم في بعض الأحياز ، وسكن في بعضها ، وعجز الحس عن الوقوف على كل واحد منها بعينه ، لا جرم أحس بالأمر المختلط من الحركة والسكون. وذلك هو الحركة البطيئة.
وأما القائلون بنفي الجزء الذي [لا يتجزأ (٢)] فقد اتفقوا على أن
__________________
(١) من (م).
(٢) من (م).