العرض ، يمتنع أن يكون جوهرا. فثبت : أن الذي ذكرتموه في الجسم ، هو بعينه وارد عليكم في النفس.
فنقول في الجواب : لم لا يجوز أن تكون ذات كل نفس ممتازة عن سائر النفوس. بحقيقته المخصوصة ، ولا يلزم من اشتراكها في كونها نفوسا ، أن يجب تماثلها في حقائقها المخصوصة. لأن معنى كونها نفوسا أنها موجودات مدبرة للبدن ، والاستواء في اللوازم والآثار لا يدل على الاستواء في الماهية. فظهر الفرق.
الحجة الرابعة : لو كانت النفس جسما ، لكانت إما أن تكون عبارة عن الجسم من حيث إنه جسم ، أو عن جسم مخصوص موصوف بصفات مخصوصة. والقسمان باطلان ، فبطل القول بكون النفس جسما. أما الحصر فظاهر.
وأما فساد القسم الأول : فظاهر. كما بينا في الدليل المتقدم ، بقي الكلام في بيان فساد القسم الثاني ، فنقول : الصفة التي باعتبارها صار الإنسان المعين : إنسانا (١) إما أن تكون قائمة بمجموع تلك الأجزاء ، أو بكل واحد واحد ، من أجزاء ذلك المجموع والأقسام الثلاثة باطلة ، فبطل القول بكون الإنسان جسما.
أما بيان فساد القسم الأول فلأن ذلك المجموع إنما يحصل عند حصول تلك الأجزاء. فإما أن يقال : إنه حصل لتلك الأجزاء وحدة ، باعتبارها صار ذلك المجموع شيئا واحدا ، أو لم يحصل هذا المعنى. والأول باطل. وإلا لزم. إما قيام تلك الوحدة بالمحال الكثيرة. وإما كون تلك الوحدة مسبوقة بوحدة أخرى إلى غير النهاية ، وكلاهما محال. والثاني أيضا باطل. لأنه إذا لم يحصل لذلك المجموع وحدة باعتبارها كان شيئا واحدا. فلو كانت الصفات التي لأجلها صار ذلك الإنسان المعين : معينا ، لزم قيام الصفة الواحدة بالمحال الكثيرة ، وهذا محال لوجهين :
__________________
(١) المعين ذلك الإنسان (ل).