تلك الحالة. ومن المعلوم أن المانع إن كان في غاية الغلبة والقوة ، فإنه يمتنع حصول الاستعداد في ذلك المغلوب المقهور. بل الغالب يقلب المقهور إلى صفة نفسه ، وإلى حالة نفسه [فثبت بهذا : أنه يمتنع أن يقال : إن ذلك الجزء الواحد ، اختص بذلك الاستعداد (١)] وإذا امتنع هذا ، فقد امتنع اتصافه وحده بالصفة المعتبرة في الإنسانية. فثبت بما ذكرنا : أنه لو كان الموصوف بالصفات المعتبرة بالإنسانية هو الجسم ، لكان الموصوف بتلك الصفة ، إما مجموع الأجزاء ، أو كل واحد من ذلك المجموع ، أو واحد بعينه. وثبت أن الأقسام الثلاثة باطلة ، فبطل القول بأن الموصوف بالصفات [المعتبرة (٢)] في الإنسانية هو الجسم.
الحجة الخامسة : أن نقول : لو كان الحي القادر [العالم (٣)] هو الجسم ، لكان كل واحد من تلك الأجزاء قابلا لهذه الصفات ، إما أن يتوقف على كون الآخر كذلك ، وإما أن لا يتوقف (٤) حصول الاستعداد في أحد الجانبين على الثاني ، ولا يتوقف الثاني على الأول. وإما أن يستغني كل واحد من الجانبين عن الثاني. والأقسام الثلاثة باطلة ، فكان القول بأن الحي القادر العالم : هو الجسم باطلا.
أما بيان أن القسم الأول : باطل : فهو أنه لما كان حصول الاستعداد في هذا الجزء يتوقف على حصول الاستعداد في ذلك الجزء ، وهذا التوقف حاصل من الجانب الثاني ، فحينئذ يلزم توقف كل واحد منهما على الآخر ، وذلك دور ، والدور باطل.
وأما بيان أن القسم الثاني باطل : فلأن على هذا التقدير يكون كل واحد
__________________
(١) من (ل ، طا).
(٢) سقط (طا).
(٣) من (ل).
(٤) أن يتوقف (م ، ط).