اللفظ في هذه المرتبة أيضا. وحيث خص هذه المرتبة بهذا اللفظ ، دل ذلك على أن الروح ليس من جنس الأجسام.
الحجة السادسة : قوله (١) عليهالسلام في بعض خطبه : «إذا حمل الميت على نعشه رفرفت روحه فوق النعش ، وتقول : يا أهلي ويا ولدي. لا تلعبن بكم الدنيا ، كما لعبت بي. جمعت المال من حله ومن غير حله (٢) ثم خلفته لغيري. فالمهنأة له ، والتبعة علي. فاحذروا مثل ما حل بي».
ووجه الاستدلال : أنه عليهالسلام. حكم بأن الجسد الميت المحمول على النعش حال كونه كذلك ، ترفرف روحه فوق النعش ، وتقول : «يا أهلي. ويا ولدي. لا تلعبن بكم الدنيا. ، كما لعبت بي» ومعلوم : أن الأهل والولد ، ما كانا إلا كذلك الإنسان. فلما قال الروح المترفرف هذا الكلام ، ثبت أن الإنسان [ما كان إلا ذلك الروح. ولما كان ذلك الروح باقيا ، وجب كون ذلك الإنسان (٣)] باقيا حال ما كان الجسد ميتا محمولا على النعش. وذلك من أظهر الدلائل على أن الإنسان شيء مغاير لهذا الجسد ، ومغاير لجميع أبعاضه وأجزائه.
ويقرب من هذا الدليل : ما روي أنه عليهالسلام ألقى جثث القتلى يوم بدر في وهدة ، ثم نادى بأعلى صوته ، وقال : «لقد وجدنا ما وعدنا ربنا : حقا. فهل وجدتم ما وعدكم ربكم حقا؟» فقيل له : يا رسول الله : أتخاطب الموتى (٤)؟ فقال : «إنهم أقوى سمعا وفهما منكم» وهذا يدل على أنهم فاهمون عاقلون مدركون ، حال كون تلك الأبدان ميتة متمزقة متفرقة. والحي مغاير لما
__________________
ـ في هذا وفي غيره من النطق والإدراك وحسن المحاولة وتحصيل المعقولات إلى أن يموت.
(١) قوله عليهالسلام حديث آحاد. وإن كان صحيحا فإنه على حكاية الحال. أي لو فرض ولو قدر أن ينطق الميت في هذه الحال ، لنطق بما معناه هذا.
(٢) في (ل) : «ومن غير حله. فالمهنأة لغيري ... إلخ».
(٣) سقط (ط).
(٤) الحديث آحاد.