هو غير حي. فوجب أن يكون الإنسان مغايرا لهذه الجثث ولجميع أجزائها وأقسامها.
الحجة السابعة : كل خبر ورد في بيان أن أهل الطاعات وصلوا إلى الخيرات والراحات. وأن أهل المعاصي وصلوا إلى العذاب [والبلاء (١)] فهو بعينه يدل على أن النفس غير البدن ، وعلى أنها لا تموت بموت البدن ، وعلى أنها تبقى مدركة عاقلة فاهمة بعد موت البدن. وذلك لأنا نشاهد هذه الأبدان متفرقة متمزقة ، خالية عن الحس والإدراك والشعور. فالقول بإثبات الحس والمعرفة والإدراك لها ، مكابرة في الضروريات. ثم إن هذه النصوص دالة على أن أولئك الناس ، واصلون إما إلى الخيرات والسعادات وإما إلى الشرور والآفات. والعلم الضروري حاصل بأن الحي العاقل [الفاهم (٢)] مغاير لما ليس كذلك. وهذا يفيد القطع بأن النفس غير البدن ، وعلى أنها باقية بعد موت البدن. ولما كانت الآيات والأخبار الدالة على وصول السعداء إلى منازل الخيرات ، ووصول الأشقياء إلى دركات الآفات ، خارجة عن العد والإحصاء ، لا جرم كانت الدلائل السمعية الدالة على أن النفس غير البدن ، وغير عضو من هذه الأعضاء خارجة عن العد والإحصاء [والله أعلم(٣)].
الحجة الثامنة : إن الدلائل النقلية (٤) والشواهد العقلية ، متطابقة متوافقة على إضافة جميع الأعضاء والأجزاء البدنية إلى الإنسان ، بلام التمليك. وهذا يقتضي كون الإنسان مغايرا ، لجميع الأعضاء والأجزاء. فنفتقر هاهنا إلى تقرير ثلاثة مقامات (٥) :
أحدها : إن الدلائل النقلية تدل على ما ذكرناه.
وثانيها : إن الشواهد العقلية تدل على ما ذكرناه.
__________________
(١) من (ل).
(٢) سقط (م) ، (ط).
(٣) اليقينية (ط).
(٤) في الأصل : أشياء ..