مزاج الأخلاط في النفس ، مساوي لفعل اختلاف النفس (١)» وتفسيره : إن من كان الغالب عليه هو المزاج الصفراوي ، فإنه يغضب كثيرا وأيضا : إذا غضب مرارا كثيرة ، غضبا شديدا ، فإنه يجتمع في بدنه شيئا كثيرا من الصفراء. وهذا يدل على أن النفس والبدن ، كل واحد منهما مؤثر في الآخر.
واعلم : أن الحكماء بينوا في كتب الأخلاق : أن القوى الأصلية النفسانية : ثلاثة. أشرفها : القوة النطقية الدماغية ، وأوسطها القوة الغضبية القلبية ، وأدونها القوة الشهوانية الكبدية وجميع الأخلاق والصفات إنما تتشعب من هذه الثلاثة.
[ونحن نشير إلى بعض أنواع الاختلافات الواقعة في كل واحدة من هذه الثلاثة (٢)] ونذكر منها ما يصلح أن يكون سببا مزاجيا. فنقول : أما القوة الإدراكية فعلى قسمين : أحدهما كالأصل. والثاني كالفرع. وهو العلوم المكتسبة.
أما الأول : وهو العقل ، فمراتب الناس فيه مختلفة بالقوة والضعف والكثرة والقلة. وهو ظاهر.
وأما العلوم المكتسبة. فهي قسمان.
أحدهما : العلم بأنواع العلوم العقلية والنقلية.
والثاني : العلم بإصلاح أمر المعاش ، والإنسان قد يكون كاملا فيهما. وهو نادر ، وقد يكون ناقصا فيهما ، وقد يكون كاملا في تحصيل العلوم ، إلا أنه يكون ناقصا في علم إصلاح المعيشة ، وقد يكون بالضد منه.
فأما مراتب العلوم النظرية : فهي كثيرة من وجوه :
الأول : إن الإنسان قد يكون قادرا كاملا في جميع أنواع العلوم ، وهو نادر جدا ، وقد يكون مقصرا في الكل ، وهو غالب جدا ، وقد يكون كاملا في
__________________
(١) اختلاف النفس (م) أخلاط النفس في الأخلاط (ل).
(٢) من (طا ، ل).