بإبطال القول بالتناسخ ، فيكون هذا الدليل مبنيا على الدليل الدال على إبطال القول بالتناسخ. لكن دليلكم في إبطال القول بالتناسخ متفرع على القول. بحدوث النفس على ما سيأتي شرحه. وحينئذ يقع الدور ، وهو باطل.
الاعتراض السادس : هب أنه قبل هذا البدن ، لا يجوز أن يقال : إن هذه النفس كانت متعلقة ببدن آخر. لكن لم يلزم من هذا القدر ما ذكرتموه. وبيانه أنكم ذكرتم أنه لا يبعد أن يقال : النفوس الناقصة إذا فارقت أبدانها ، فإنها تتعلق بضرب من الأجسام السماوية ، وتتخذها جارية مجرى الآلات الجسمانية. فإذا جوزتم هذا ، فلم لا يجوز أن يقال أيضا : إنها كانت قبل الأبدان متعلقة بجزء من أجزاء السموات ، أو بجزء من أجزاء كرة الأثير، أو كرة أخرى ، وبسبب هذا القدر حصل الامتياز؟
الاعتراض السابع : إن دل ما ذكرتم على أن النفوس لا يمكن كونها أزلية ، فهو بعينه يمنع من كونها أبدية ، مع أن مذهبكم إنها أبدية. وبيانه هو أن النفوس المفارقة لأبدانها ، كل واحدة منها ، تبقى ممتازة عن الغير ، بسبب ما حصل لها من العلوم والأخلاق [فنقول : نفترض الكلام في النفوس التي فارقت أبدانها حال ما كانت تلك الأبدان أجنة في بطون الأمهات ، فههنا لم يحصل لتلك النفوس من العلوم والأخلاق شيء (١)] فوجب أن تحكموا ، إما بأنها تفسد وتفنى ، أو بحصول الامتياز من غير سبب. وكل ذلك عندكم باطل.
فإن قالوا : كل واحدة منها قد حصل لها شعور بهويتها [المعينة (٢)] وذاتها المخصوصة. وهذا القدر يكفي في حصول الامتياز. فنقول : هذا باطل من وجهين :
الأول : أن نقول : وإن جاز هذا ، فلم لا يكفي هذا القدر في حصول الامتياز في جانب الأزل؟
__________________
(١) سقط (ط) ، (ل).
(٢) سقط (طا).