الفصل الثامن
في
التناسخ
اعلم : أن التناسخ ، أثبته بعضهم. وأنكره الباقون.
أما مثبتو التناسخ : فقد اختلفوا من وجوه.
الأول : إن كل من قال بالتناسخ قال بجواز انتقال النفوس البشرية إلى أبدان البهائم والسباع وبالضد. وهل يجوز انتقالها إلى أجسام النبات والمعادن أم لا؟ اختلفوا فيه.
والثاني : إن أهل التناسخ. فريقان : منهم من يقول بقدم العالم. ومنهم من يقول بحدوثه.
أما القائلون بقدم العالم فقالوا : إن هذه النفوس كانت قبل كل بدن ، في بدن آخر ، لا إلى أول.
وأما القائلون بحدوث العالم ، فقد أقروا بأن تتعلق النفوس بالأبدان أولا. ثم اختلفوا. فقال «محمد بن زكريا الرازي» : النفوس كانت مباينة عن الهيولى وغافلة عنه ، ثم اتفق لها التفات إلى الهيولى ، وعشق إليه ، فتعلقت به. فإذا فسد البدن ، وكان ذلك العشق باقيا ، فهي تعود إلى بدن آخر ، ولا تزال تنتقل من بدن إلى بدن آخر ، إلى الوقت الذي يزول ذلك العشق ، وتحصل النفرة. فحينئذ تفارق ذلك البدن ، ولا تعود إلى بدن آخر. وقد