تقولوا : إن حدوث البدن يقتضي حدوث النفس وعند هذا (١)] ينتقل هذا الكلام من هذه المسألة إلى مسألة [أخرى. وهي مسألة (٢)] الموجب والقادر.
والاعتراض الثالث : هب أن النفس حادثة ، وأن المؤثر في وجودها علة قديمة موجبة بالذات ، وأن فيضان هذه النفس عن تلك العلة القديمة مشروط بشرط حادث. فلم قلتم : إن ذلك الشرط الحادث ليس إلا المزاج الحادث؟ وما الدليل على هذا التعيين؟
بل هاهنا احتمالات أخرى سوى ذلك.
فأحدها : أن يقال : إنه حصل نفس أو عقل ، وله تعقلات منتقلة من معقول إلى معقول. ومن إدراك إلى إدراك. والشرط في فيضان هذه النفس الحادثة عن تلك العلة القديمة: حدوث تعقل خاص [وإدراك خاص (٣)] في ذلك العقل أو النفس. وعلى هذا التقدير تكون النفس حادثة ، لا لحدوث الأمزجة.
وثانيها : أن يقال : الشرط لحدوث تلك النفوس عن تلك العلة القديمة ، وصول الشمس أو سائر الكواكب إلى دقائق أو درجات معينة من الفلك.
وثالثها : [أن يقال (٤)] الشرط لحدوث تلك النفوس طالع المسقط ، أو شيء آخر يشبه ذلك.
وبالجملة : فعليكم (٥) إقامة الدليل على أنه لا سبب لفيضان النفس المعينة عن تلك العلة القديمة ، إلا حدوث هذه الأمزجة.
والاعتراض الرابع :سلمنا أن ذلك السبب الحادث هو المزاج الحادث.
__________________
(١) سقط (م).
(٢) سقط (ط).
(٣) سقط (م).
(٤) سقط (م).
(٥) فعليهم (ل).