الفصل التاسع
في
بيان أن النفس باقية بعد موت البدن
اعلم : أنك لا ترى في الدنيا مسألة أهم للعاقل من هذه المسألة ، فوجب على كل من عنده شيء من العقل ، أن يكون عظيم الاهتمام بمعرفتها. فنقول أهل العلم (١) لهم في النفس مذهبان :
أحدهما : إنها عبارة عن جسم مخصوص ، موصوف بمزاج مخصوص.
والثاني : إنها جوهر قائم بذاته ، مغاير لهذا البدن ، ولجميع أجزائه. سواء قلنا : إنه جسم مخالف للأجسام العنصرية البسيطة أو المركبة ، أو قلنا : إنه جوهر ليس بجسم ولا بجسماني.
أما القائلون بالقول الأول. فهم فريقان :
[أحدهما : أهل البحث والنظر.
وثانيهما : أهل التقليد والأثر. أما (٢)] أهل البحث والنظر فالجمهور منهم اتفقوا على أن النفس بهذا التفسير يمتنع بقاؤها بعد موت البدن ، بناء على أن القول بالبعث والقيامة غير ممكن. وذلك لأنه بعد الموت قد فني هذا المزاج ، وبطل هذا التركيب. والمعلوم يمتنع عوده بعينه.
__________________
(١) العالم (ل).
(٢) سقط (ل).