إنما وقعت في هذا الوقت. وكان ملوك العجم لا يختارون الرجال للمحادثات (١) المهمة ، إلا الذين يكونون بين الأربعين وبين الخمسين قالوا : لأنه في هذا الوقت يتكامل العقل ولم يحصل في البدن نقصان ظاهر. فثبت : أن النفس لو ماتت بموت البدن ، لوجب أن يظهر النقصان فيها ، بسبب نقصان البدن. لكن لم يظهر النقصان فيها بسبب نقصانه (٢) بل قد بينا في هذه المواضع الأربعة : أنه يحصل الكمال فيها ، بسبب نقصان البدن. فوجب القطع بأن النفس لا تموت بموت البدن.
الحجة الرابعة : على أن النفس لا تموت بموت البدن : أن الأعراض القائمة بالأجسام ، أضعف وجودا من تلك الأجسام. والأجسام أضعف وجودا من الموجود المجرد القائم بالنفس ، فيلزم أن تكون الأعراض أضعف بكثير من الموجود المجرد. وإذا كان كذلك ، وجب القطع بأن موت البدن لا يوجب موت النفس. فتفتقر هاهنا إلى بيان (٣) مقدمات :
المقدمة الأولى : إن الأعراض القائمة بالأجسام ، أضعف في الوجود من تلك الأجسام. وهذا يقرب من أن يكون بديهيا ، لأن الأعراض محتاجة إلى تلك الأجسام ، [ويمتنع دخولها في الوجود ، إلا في تلك الأجسام (٤)] وأما تلك الأجسام (٥)] فإنها قائمة بأنفسها وغنية عن تلك الأعراض. وهذا يوجب القطع بأن الأعراض أضعف وجودا من الأجسام.
وأما المقدمة الثانية في بيان أن الأجسام أضعف وجودا من الجوهر المجرد : فبيانها من وجوه :
الأول : إن المتحيزات محتاجة إلى الأمكنة والأحياز والجهات ، والجوهر المجرد غني عنها.
__________________
(١) للمحاربات (طا ، ل).
(٢) نقصان البدن (ل).
(٣) إثبات (م).
(٤) سقط (ل).
(٥) سقط (م).