متوسطة بين الأضداد ، فهو عرض مخصوص. فإذا ماتت ، فلا معنى لذلك الموت إلا زوال هذه الكيفية. فثبت : أنه لا معنى للموت إلا زوال بعض أنواع الأعراض عن الأجسام المخصوصة (١). وقد دللنا على أن الأعراض أضعف أقسام الممكنات [وعلى أن النفوس المجردة أقوى أقسام الممكنات (٢) والعلم الضروري حاصل بأن زوال الشيء الذي يكون وجوده (٣)] في غاية القوة. وهذا يفيد الجزم بأن النفس لا تموت بموت البدن.
الحجة الخامسة في بيان أن النفس لا تموت بموت البدن : نقول : إن النفس لا تمرض بمرض البدن ، فوجب أن لا تموت بموت البدن. إنما قلنا : إنها لا تمرض بمرض البدن ، وذلك لأن الشواهد الطبية دالة على أنه لا معنى للبحران إلا حصول المقاومة بين الطبيعة وبين العلة ، فهذه الطبيعة التي تقاوم العلة ، إما أن تكون هي مزاج البدن ، أو كيفية [من الكيفيات (٤)] القائمة بالبدن ، وإما أن تكون هي النفس.
والأول باطل لوجهين :
أحدهما : إن جسم البدن موصوف بالكيفيات المرضية المنافية للصحة. فلو كان هو بعينه موصوفا بالكيفيات الصحية الملائمة للصحة ، لزم كون الجسم الواحد [في الوقت الواحد (٥)] موصوفا بصفتين متضادتين. وهو محال.
وثانيهما : إن البدن حصل في حقه أسباب ثلاثة ، كل واحد منها يوجب الضعف. فأحدها : الحرارة الغريزية العرضية ، الموجبة لتحلل الرطوبات الكثيرة. وثانيها : إن الحرارة الغريزية أيضا موجبة لتحلل الرطوبات على قياس ما كان حال الصحة. وثالثها : إن في وقت البحران تنقطع الطبيعة عن
__________________
(١) أجسام (ل).
(٢) سقط (م ، ط).
(٣) من (طا ، ل).
(٤) سقط (ط).
(٥) سقط (ط) ، (ل).