جوهر مجرد (١)] وصفاته معلولات الجوهر المجرد. وأما تعلقها بهذا البدن ، فليس إلا على سبيل التدبير والتصرف. وهذا التدبير والتصرف من باب النسب والإضافات ، وهي أضعف أنواع الموجودات. ومع ذلك فهي من العوارض العارضة لذات النفس.
إذا عرفت هذا فنقول :
[الحاصل عند موت البدن زوال هذه الإضافة وأما العلل العالية المؤثرة في ذات النفس وفي جميع صفاتها الحقيقية باقية. وبقاؤها يقتضي بقاء جوهر النفس ، وبقاء جميع صفاتها العالية. فلو قلنا : بأنها تعدم عند زوال هذه الإضافة لكنا قد رجحنا مقتضى الأمر العرضي ، البالغ في الضعف إلى أقصى الغايات على مقتضى الأمر الذاتي الأصلي ، البالغ في الكمال والقوة إلى أقصى الغايات. ومعلوم أن ذلك باطل في بديهة العقل ، فوجب القطع بأن النفس لا تموت بموت البدن. ثم هاهنا دقيقة أخرى. وهي : إنا قد ذكرنا في أول هذا الكتاب الذي سميناه بكتاب «الأرواح العالية والسافلة» أن الموجودات لها ثلاثة مراتب. فأشرفها عالم الإله ، وأخسّها عالم الجسم ـ وهو عالم الهيولى ـ وأوسطها عالم الأرواح. فإنها تقبل إشراق عالم الإله. وبواسطة ذلك الإشراق تقوى على التأثير في عالم [الهيولي (٢)].
إذا عرفت هذا فنقول (٣)] : تعلق النفس بالبدن على سبيل التدبير والتصرف. عبارة عن تعلق النفس بالجانب الأخس الأدون العاري عن التأثير والفعل. وكون النفس مستنيرة بأنوار معارف عالم الإله ، عبارة عن تعلقها بالجانب الأفضل الأكمل ، الذي هو ينبوع القوة والبقاء والدوام. فلو قلنا : إن عند زوال العلاقة الخسيسة ـ أعني تدبير البدن ـ تبطل ذاتها ومعرفتها. لكنا قد حكمنا بأن الجانب الأخس الأضعف ، هو الجانب الأشرف الأقوى. وذلك محال
__________________
(١) من كلمة الحاصل إلى إذا عرفت هذا فنقول : ساقط من (م ، ط).
(٢) سقط (ل).
(٣) إلى هنا من (طا ، ل). من أول كلمة الحاصل.