الفصل العاشر
في
تقرير الوجوه الاقناعية في بيان
أن النفس باقية بعد موت الجسد
الحجة الأولى : إن جمهورا من العقلاء أطبقوا على أن أفضل أقسام البشر : الأنبياء والأولياء والحكماء الإلهيون. أما الحكماء الطبيعيون والرياضيون فالفائدة في وجودهم : لأجل مصالح الحياة العاجلة. ولما كانت هذه الحياة خسيسة ، كان الخادمون لها غير موصوفين بالشرف.
وإذا ثبت هذا فنقول : أجمع الأولياء والأنبياء والحكماء الإلهيون : على أن النفس باقية بعد موت البدن ، وذلك لأن هؤلاء الفرق الثلاثة حرفتهم وطريقتهم : الإعراض عن الدنيا والإقبال على عالم الآخرة ، كما قال تعالى :(وَالْباقِياتُ الصَّالِحاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَواباً ، وَخَيْرٌ أَمَلاً) (١) وما كانوا يلتفتون إلى أحوال هذه الحياة ، وما كانوا يسعون في إصلاحها ، بل كأنه لا حرفة لهم إلا تزييف هذه الطريقة وتهجينها. ومن أراد [تحقيق (٢)] ذلك ، فليطالع الكتب المشتملة على شرح أحوال الأنبياء ، في الزهد في الدنيا ، والإقبال على [عبادة (٣)] الله تعالى.
وأما الحكماء. فمن أراد معرفة أحوالهم وسيرهم [في هذه الطريقة ،
__________________
(١) الكهف ٤٦ والتكملة من (طا ، ل).
(٢) سقط (م).
(٣) سقط (م).