الفصل الثاني عشر
في
أنه هل يعقل وجود نفس واحدة ،
تكون متصرفة في بدنين. ووجود نفسين
يكونان متصرفتين في بدن واحد؟
اعلم : أن هذه المباحث غامضة. ولقائل أن يقول : أما تعلق النفس الواحدة بالأبدان الكثيرة ، يجب أن لا يكون ممتنعا. وذلك لأن تعلق النفس بالبدن ، ليس إلا على سبيل التصرف والتدبير. وكون الشيء الواحد متصرفا في مملكتين وفي بيتين غير ممتنع ، فوجب أن لا يمتنع ذلك. والذي يزيده تقريرا : أن السبب لعشق النفس على التعلق بالبدن : هو أن تستعمل هذه الآلات البدنية في تحصيل اللذات الجسمانية ، والراحات البدنية. ومعلوم أن استعمال بدنين أكثر وأقوى في إفادة هذا المعنى ، فوجب أن يكون تعلق النفس بالأبدان الكثيرة واجبا. فإن لم يجب ذلك ، فلا أقل من الإمكان على سبيل الندرة.
وأما تعلق النفوس الكثيرة بالبدن الواحد فهذا [أيضا (١)] محتمل من وجوه :
الأول : هو أن النفوس الكثيرة إذا كانت متماثلة في تمام الماهية ، وكانت متشابهة في الأخلاق والصفات ، فحينئذ تكون متشاركة في جميع الأمور التي لأجلها تعلقت بذلك البدن ، فلم يكن تعلق بعضها به ، أولى من تعلق الباقي به ، فوجب تعلقها بأسرها بذلك البدن.
__________________
(١) سقط (ل).