الفصل الثالث عشر
في
بيان أن النفوس الناطقة مدركة
للكليات والجزئيات معا. وأنها هي المباشرة
لجميع الأفعال بنفسها ، وإن كانت
تلك المباشرة موقوفة على استعمال الآلات
ظاهر كلام الشيخ الرئيس : مشعر بأن النفس الناطقة ، لا تقوى إلا على إدراك الكليات والمجردات (١) وأما الإدراكات الجزئية ، فإنها موزعة على الحواس الظاهرة والباطنة.
واحتجوا على أن النفس لا تدرك الجزئيات بوجوه عامة ووجوه خاصة. أما الوجوه العامة فأربعة :
الأول : إن العقلاء ببداءة عقولهم يعلمون أن رؤية المرئيات [حاصلة (٢)] في البصر لا غيره ، وسماع الأصوات حاصل في الأذن لا في غيرها ، بل نقول : كما أن البديهة حاكمة بأن اللسان غير مبصر ، والعين غير ذائق ، فهي أيضا حاكمة بأن اللسان ذائق ، والعين مبصرة. ولو قلنا : إن الموصوف بإدراك هذه المحسوسات هو النفس ، لزم بطلان هذه الاختصاصات المعلومة.
فإن قالوا : لم لا يجوز أن يقال : القوة المدركة ، وإن كانت غير موجودة في هذه الأعضاء ، لكنها آلات لها. فإذا وقع للنفس التفات إلى العين [أبصرت (٣)] أو إلى الأذن: سمعت؟ قلنا : قلنا : النفس إذا التفتت إلى
__________________
(١) والجزئيات (ط).
(٢) سقط (ط).
(٣) سقط (م) ، (ط).