الفصل الثالث
في
حكاية شبهات المنكرين
للموجودات الروحانية والجواب عنها
زعم أكثر المتكلمين : أن إثبات موجود ممكن الوجود ، لا يكون متحيزا ، ولا حالا في المتحيز : محال. واحتجوا عليه بوجوه :
الحجة الأولى : قالوا : ثبت بالدليل : أن إله العالم [يجب أن (١)] لا يكون متحيزا ، ولا حالا في المتحيز. فلو فرضنا موجودا آخر بهذه الصفة ، لكان الموجود : مساويا لذات الله تعالى في أنه غير متحيز ، ولا حال في المتحيز. والاستواء في هذا الحكم ، يوجب الاستواء في الماهية. بدليل أنا إذا أردنا أن نذكر في ذات (٢) الله تعالى : صفة ، باعتبارها تمتاز ذاته عن سائر الذوات ، لم نقدر إلا على ذكر هذه الصفة. وهي : أنه ذات ليست بمتحيزة ، ولا حالة في شيء من المتحيزات. والصفة إذا كانت كاشفة عن الحقيقة ، كان الاشتراك فيها ، يوجب الاشتراك في الحقيقة. فثبت : أنه لو حصل موجود بهذه الصفة ، لكان ذلك الموجود مثلا لذات الله تعالى. والمثلان يجب استواؤهما في جميع اللوازم. فيلزم : إما القول بكون الكل: آلهة واجبة الوجود ، أو بكون الكل عبيدا ممكنة الوجود. ولما كان الكل محالا. ثبت : أن إثبات موجود بهذه الصفة. محال.
__________________
(١) من (طا) ، (ل)
(٢) صفات (م)