الفصل الرابع عشر
في
اقامة الدلالة القاهرة على أن الموصوف
بجميع أقسام الادراكات ، والمباشر لجميع
التحريكات والتدبيرات لهذا البدن : هو النفس
نقول : الذي يدل على صحة ما ذكرناه وجوه :
الحجة الأولى : ما ذكرناه في إثبات (١) «النفس» ولا بأس بإعادة (٢) ذلك. فنقول : إنا إذا رأينا العسل حكمنا بأنه حلو ، والقاضي على الشيئين لا بد وأن يحضره المقضي عليهما. فههنا شيء واحد يدرك جميع المحسوسات. ثم إذا تخيلناها [ثم أحسسنا بها. حكمنا بأن ذلك المتخيل هو هذا المحسوس. فلا بد من شيء واحد ، هو المدرك ، وهو المتخيل. ثم إذا أحسسنا (٣)] تلك الصور ، أو تخيلنا تلك الخيالات حكمنا عليها تارة بالعداوة ، وأخرى بالصداقة. فلا بد من شيء واحد هو المدرك لتلك الصور ولتلك المعاني. ثم إن القوة الفكرية تقوى على تركيب تلك الصور ، وتلك المعاني ، بعضها بالبعض ، فيكون ذلك الشيء قادرا على التركيب والتحليل ، وعلى إدراك الصور والمعاني. ثم إن الإنسان يمكنه أن يحكم على كل واحد من الأشخاص بإدخاله (٤) تحت الماهية الكلية ، فلا بد من شيء واحد يكون بعينه موصوفا بالإدراكات الكلية والجزئية. ثم إن الفعل الاختياري عبارة عما إذا اعتقد في
__________________
(١) كتاب (م).
(٢) بإعادتها (طا ، ل).
(٣) من (طا ، ل).
(٤) بأنه داخل (م).