ليس بفرس» وأطبقوا على أن أكمل الأقسام في الحمل والوضع هو هذا القسم. وأيضا : أطبقوا على أن من حمل شيئا على شيء ، فإنه لا بد وأن يكون قد حضر عنده تصور الطرفين.
إذا ثبت هذا فنقول : الذي حكم بحمل الكلي على الجزئي ، لا بد وأن يكون قد حضر عنده تصور ذلك الجزئي ، وتصور ذلك الكلي. لكن صاحب التصورات الكلية هو النفس ، فيجب أن يكون صاحب هذه التصورات الجزئية أيضا هو النفس.
واعلم : أنه إن حصل في الدنيا برهان يجب قبوله والرجوع إليه فليس إلا هذا البرهان ، وما يشبهه (١)].
الحجة الخامسة في إثبات أن النفس مدركة للجزئيات : أن نقول : النفس إما أن تدرك نفسها المعينة المشخصة ، من حيث هي هي ، أو إنما تدرك الأمر الكلي المشترك فيه بين النفوس الكثيرة. فإن كان الأول ، كانت النفس مدركة للجزئي ، من حيث إنه شخص معين. وإن كان الثاني كانت النفس غافلة عن ذاتها المعينة. وإنما علمت ماهية النفس من حيث إنها نفس ، إلا أن هذا محال. لأن كل من علم شيئا ، أمكنه أن يعلم كونه عالما به [وإذا علم كونه عالما (٢)] فقد علم نفسه المعينة. فثبت : أن القول بأن النفس لا تدرك الجزئيات : قول باطل.
الحجة السادسة : إن النفس إذا حاولت تحريك جسم أو جذبه أو دفعه ، فإما أن يكون متعلق قصدها : هو الأمر الكلي أو الجزئي. فإن كان الأول كانت نسبة ذلك القصد إلى جميع الجزئيات بالسوية ، فلم يكن تخصيصه ببعض الجزئيات ، أولى من تخصيصه بالبواقي. وإن كان الثاني وجب أن يكون عالما بذلك الجزئي ، من حيث إنه هو هو. وذلك هو المطلوب.
__________________
(١) من أول «من حيث إنه هذا البدن» إلى «فليس إلا هذا البرهان وما يشبهه» ناسخ (طا ، ل) وضعه في الحجة التاسعة من الفصل السادس.
(٢) سقط (طا ، ل).