الفصل الخامس عشر
في
بيان أن النفس بعد مفارقة
البدن تبقى عالمة مدركة للجزئيات
والذي يدل عليه (١) : إنّ إدراكات البدن وأفعاله. إما أن تكون موقوفة على الآلات الجسمانية ، وإما أن لا تكون. فإن كان الحق هو الثاني ، فحينئذ تكون النفس بعد مفارقة الآلات البدنية (٢) تتقوى على إدراكات الجزئيات ، وعلى الأفعال المخصوصة.
وأما القسم الأول وهو أن يقال : إن الإدراكات الجزئية الحاصلة للنفس ، موقوفة على الآلات الجسمانية. فهذا باطل قطعا وذلك لأن إدراكها لتلك الآلة ، إما أن يكون إدراكا كليا أو جزئيا. فإن كان كليا اختصاصها بهذا البدن المعين ، وبهذه الآلة المعينة ، أولى من اختصاصها بسائر الأبدان ، وبسائر الآلات. وإن كان ذلك [الأمر إدراكا (٣)] جزئيا ، فحينئذ لا يكون إدراكها لتلك الآلة الشخصية ، من حيث إنها هي بواسطة استعمال تلك الآلة. لأن استعمالها (٤) لتلك الآلة ، يتوقف على إدراكها لها. فإن كان إدراكها لها متوقفا على استعمالها لها ، لزم الدور. وإنه محال. فثبت بما ذكرنا : إن كون النفس مدركة للجزئيات ، غير موقوف على الآلات الجسمانية ، وإذا كان الأمر
__________________
(١) والذي يدل عليه وجوه الحجة الأولى ... إلخ [الأصل].
(٢) الجسمانية (م).
(٣) ذلك الإدراك (ل).
(٤) استعماله لها يتوقف (م).