الفصل الثامن عشر
في
بيان كيفية الانتفاع بزيارة الموتى والقبور
[قال المصنف (١)] : سألني بعض أكابر الملوك عن هذه المسألة. وهو الملك «محمد بن سام بن الحسين الغوري» وكان رجلا حسن السيرة ، مرضي الطريقة ، شديد الميل إلى العلماء ، قوي الرغبة في مجالسة أهل الدين والعقل. فكتبت له فيه رسالة ، وأنا أذكر هاهنا ملخص ذلك الكلام. فأقول : الكلام فيه مبني على مقدمات :
المقدمة الأولى : إنا قد دللنا على أن النفوس البشرية ، باقية بعد مفارقة الأبدان.
[والمقدمة الثانية :] (٢) إن تلك النفوس التي فارقت أبدانها أقوى من هذه النفوس المتعلقة بالأبدان من بعض الوجوه. وهذه النفوس أقوى من تلك من وجه آخر. أما أن النفوس المفارقة أقوى من هذه النفوس من بعض الوجوه : فهو أن تلك النفوس لما فارقت أبدانها ، فقد زال الغطاء والوطاء. وانكشف لها عالم الغيب ، وأسرار منازل الآخرة. فصارت العلوم التي كانت برهانية عند التعلق بالأبدان : ضرورية بعد مفارقة الأبدان. وكانت تلك
__________________
(١) من (م).
(٢) من (س) وفي (م) : «الأبدان وتلك النفوس ... إلخ».