والقمر : يمتنع أن تكون هي عين العرض الحال في نفسي ، أو أن يكون مساويا له.
وأما الخاصة والعرض العام فهما من الصفات القائمة بالماهيات الخارجية ، فيمتنع أن تكون تلك الصفات عين العرض الحال في نفسي. فثبت : أن القول بأن الصورة الحالة في النفس ماهية كلية مجردة : كلام ليس له البتة حقيقة ولا أصل. بل الحق : أن الحال في النفس: هو العلم بهذه الماهيات والشعور بها وهذا العلم عرض معين وصفة معينة حالة في نفس معينة في زمان معين فكان القول بأن تلك الصورة : صورة كلية مجردة : كلاما فارغا عن المعنى.
والتقسيم الثالث : أن نقول : الإبصار يتوقف على شرائط فكذا البصيرة.
والشرط الأول : [للإبصار (١)] أن لا يكون المبصر في غاية الجلاء. كالشمس. فإن البصر يتحير فيها لقوتها. ولا في غاية الخفاء. كالذرات ، ومراتب الممتزجات. وكذا المعقول إذا كان في غاية الجلاء مثل المفارقات. فإن العقل يعجز عن إدراكه. وإن كان في غاية الخفاء ، كمراتب الأنواع الأخيرة من الكيفيات البسيطة والمركبة ، فالعقول عاجزة عن الوقوف عليها بالتمام.
فأما المرتبة المتوسطة. وهي الكميات والكيفيات الظاهرة. فالعقول تقدر على الوصول إليها.
والشرط الثاني : إن المبصر إذا كان حاضرا ، فلما لم يحرك الإنسان حدقته من جانب إلى جانب ، تحريكات كثيرة : لم ير المبصر. فكذلك النفس الناطقة ، ما لم تحرك عينها الروحانية من معقول إلى معقول : لم تتمكن من الإبصار ، وتلك التحريكات هي المسماة بالفكر والروية ونظر العقل. وكما أن نظر العين عبارة عن تقليب الحدقة ، من جهة إلى جهة طلبا للرؤية فكذلك نظر العقل عبارة عن تقليب حدقة العقل (٢) من جانب إلى جانب طلبا لإدراك المعقول.
__________________
(١) مضيئة (م).
(٢) العين (ط).