وقد اجتمع فيه النمل والذباب والديدان والحشرات ، فتجعل تلك الأشياء طعمة لتلك الفراريج ، فإذا تم ذلك ، صارت تلك الفراريج ، قادرة على الرعي والطلب. ولا شك أن هذا الطريق حيلة عجيبة في تربية الأولاد.
ولنكتف من هذا النوع ، على هذا القدر الذي ذكرنا. فإن الاستقصاء فيه مذكور في كتاب «الحيوان»
وقد ظهر منها أن هذه الحيوانات قد تأتي بأفعال يعجز أكثر الأذكياء من الناس. ولو لم تكن عاقلة فاهمة ، وإلا لما صح منها شيء من ذلك. فهذا ما يتعلق بالعقل.
وأما النقل : فقد تمسكوا في إثبات قولهم بآيات :
الأولى : قوله تعالى حكاية عن سليمان (يا أَيُّهَا النَّاسُ : عُلِّمْنا : مَنْطِقَ الطَّيْرِ ، وَأُوتِينا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. إِنَّ هذا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ) (١) وسمعت بعض تلامذتي يقول : لا يبعد أن يكون [المراد من (٢)] تعلم منطق الطير : هو دعوة عطارد (٣).
الثانية : قوله تعالى : (حَتَّى إِذا أَتَوْا عَلى وادِ النَّمْلِ. قالَتْ نَمْلَةٌ : يا أَيُّهَا النَّمْلُ : ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ) (٤) الآية.
الثالثة : قوله تعالى : (وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ ، فَقالَ : ما لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ ، أَمْ كانَ مِنَ الْغائِبِينَ؟ لَأُعَذِّبَنَّهُ) (٥) وهذا التهديد لا يليق إلا مع العقلاء.
الرابعة : قوله تعالى حكاية عن الهدهد : (أَحَطْتُ بِما لَمْ تُحِطْ بِهِ. وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ) (٦).
__________________
(١) النمل ١٦ والتكملة من (ل ، طا).
(٢) من (م ، ط).
(٣) كان يجب على الأستاذ أن يراجع تلميذه ويوبخه. وحكى المؤلف في موضع آخر أن هذا الرأي سمعه من بعض الفلاسفة.
(٤) النمل ١٨.
(٥) النمل ٢٠ ـ ٢١.
(٦) النمل ٢٢.