الفصل الأول
في
أن القول بالجن
والشياطين هل هو ممكن أم لا؟
البحث الأول (١) :
ذهب جمهور أرباب الملل والنّحل إلى أن فرق (٢) العقلاء المكلفين أربعة : الملائكة ، والبشر ، والجن ، والشياطين. واختلفوا في أنه : هل الجن نوع والشياطين نوع آخر؟ فقال قوم (٣) : الأمر كذلك. وقال آخرون : الجن هم الأرواح الطاهرة الخيرة ، والشياطين هم الأرواح المؤذية الشريرة.
وأما المجوس : فلهم غلو شديد في هذا الباب ، إلا أنهم قالوا : العالم له إلهان : أحدهما : خيّر كريم سخي رحيم. والثاني : شرير بخيل قاسي مؤذي. والإله الخيّر له أعوان وجنود ، وهم الملائكة. والإله الشرير المؤذي له أعوان وجنود ، وهم الشياطين والأرواح الخبيثة. والإله الخير : له السماء ، وجنده في السماء ، والإله الشرير [في الأرض ، وجنده أيضا في الأرض ، وهذا الذي يسمونه بالإله الشرير هو الذي يسميه المسلمون بإبليس. والمسلمون متى وقع في هذا العالم شر ، أو فتنة ، أو محنة. فإنهم ينسبونه إلى إبليس ،
__________________
(١) زيادة.
(٢) أكثر فرق (م).
(٣) بعضهم (م).