يوجب الجمع بين النقيضين. وهو محال. فثبت : أن الطبيعة (١) لا توجب الحركة ، إلا عند حصول حالة منافرة للطبيعة. فلا جرم أن الطبيعة توجب إزالتها. وإذا كان كذلك ، فلو كانت حركة الفلك طبيعية [لكانت تلك الحركة هربا عن حالة منافرة بالطبع. وذلك محال لوجهين :
الأول : إنه لو كان الأمر كذلك (٢)] لكانت تلك الحركة مستقيمة. لأن الخط المستقيم أقصر من المستدير. ومتى أمكن اتصال الجسم إلى الحالة الطبيعية بالطريق الأسهل ، امتنع العدول إلى الطريق الأصعب. فثبت : أن كل حركة طبيعية ، فهي مستقيمة بالطبع. فينعكس انعكاس النقيض : أن ما لا يكون مستقيما ، لا يكون طبيعيا.
الثاني : إنه على التقدير الذي ذكرناه ، تكون الحركة هربا طبيعيا عن تلك الحالة ، والهرب الطبيعي عن الشيء يمتنع أن يكون عين الطلب الطبيعي لذلك الشيء ، لكن الحركة المستديرة عن النقطة المعينة ، عين الطلب لها ، فيمتنع كون الحركة المستديرة طبيعية. وإنما قلنا : إنه يمتنع كون الحركة الفلكية قسرية لوجوه :
الأول : إنه يمتنع انتهاء كل قسر إلى قسر آخر ، لغير نهاية ، بل يجب الانتهاء في هذه الحركة الدورية إلى ما لا يكون بالقسر.
والثاني : إن القسر لا يكون دائما ، ولا أكثريا. وهذه الحركة دائمة على نهج واحد.
الثالث : إن القسر هو الذي يكون على خلاف الطبيعة (٣) ولما ثبت أن حركات الأفلاك يمتنع كونها طبيعية ، ظهر أنه يمتنع أيضا كونها قسرية. فظهر بما ذكرنا : أن حركات الأفلاك إما أن تكون طبيعية أو قسرية [أو إرادية ويمتنع
__________________
(١) الطبيعية (ط).
(٢) سقط (م) ، (ط).
(٣) الطبع (م).